اختصاصات القاضي الإداري في مجال الصفقات العمومية
في إطار المحاضرات الدورية المنظمة من طرف مجلس الدولة، ألقيت يوم الأربعاء 07 أكتوبر 2021 بقاعة الإجتماعات محاضرة بعنوان إختصاصات القاضي الإداري في مجال الصفقات العمومية من إلقاء السيد ( ت ع ) مستشار الدولة بالغرفة الأولى، القسم الأول.
حيث استهل المحاضرة بالتطرق إلى الإختصاص الإقليمي للمحاكم الإدارية الذي يتحدد طبقا للمواد: 37 و38، 803 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية كقاعدة عامة، واستثناءً نصت المادة 804 من نفس القانون " على وجوب أن ترفع الدعوى في حالات معينة على سبيل الحصر أمام المحاكم الإدارية"، وهنا تم طرح الإشكالات العملية خاصة عندما تبرم الصفقة بالجزائر العاصمة عن الوزير وبتفويض منه مدير من المصالح غير الممركزة بالولاية.
في نقطة ثانية تم التطرق إلى الإختصاص النوعي في مجال الصفقات العمومية علماً انه لا يطرح أي إشكال عندما تكون: الدولة، الولاية، البلدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا في النزاع، لأنه يتم إعتماد المعيار العضوي بكل وضوح، ولكن إذا كان أحد أطراف النزاع مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي وتجاري يتم إعتماد المعيار المادي إستثناءً أخذاً بعين الإعتبار تمويل المشروع كليا أو جزئياً بمساهمة من الدولة، حيث يؤول الاختصاص إلى القضاء الإداري وفقاً لما استقر عليه إجتهاد محكمة التنازع ومجلس الدولة.
وفي هذا الإطار تم إعطاء عدة أمثلة من منازعات طرحت أمام مجلس الدولة، حيث جاء في إحدى حيثيات نزاع مطروح بين الوكالة الوطنية للسدود والمؤسسة العمومية الإقتصادية لإنجاز الجسور: " أنه طبقا لمقتضيات المادة 02 من المرسوم الرئاسي رقم 02-250 المؤرخ في 2002/07/24 المعدل والمتمم، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية والذي كان قابلا للتطبيق وقت رفع الدعوى من طرف المؤسسة العمومية الإقتصادية لإنجاز الجسور،
لا تطبق أحكام المرسوم إلا على الصفقات محل مصاريف الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلف هذه الأخيرة بإنجاز مشاريع إستثمارات عمومية من ميزانية الدولة،
حيث أن النزاع الحالي يتعلق بأشغال إنجاز جسر بغرض إجتناب سد بوقوس (ولاية الطارف) أي إستثمار عمومي بمساهمة نهائية لميزانية الدولة.
حيث أن العقد المبرم بين الطرفين يخضع لقانون الصفقات العمومية والنزاعات الناجمة عنه من إختصاص الجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي الإداري."
وجاء في قرار آخر:"... وأن مقتضيات المادة 02 من المرسوم الرئاسي رقم 02/250 المؤرخ في 2002/07/24 هي القابلة للتطبيق، وأن القاضي الإداري هو المختص للفصل في النزاع القائم بين شخص معنوي يخضع للقانون الخاص (الشركة ذات الأسهم مؤسسة أشغال البناء) وبين مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري (ديوان الترقية والتسيير العقاري) مكلفة بإنجاز مشروع ممول من طرف الدولة...".
كما جاء بقرار آخر مؤرخ في: 2017/03/05 اعتبر " الدفع بعدم الإختصاص النوعي المقدم من طرف الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الإجتماعية غير مؤسس لأن الصفقة وحل النزاع يخص إنجاز سكنات إجتماعية ".
وفي قرار مؤرخ في: 2017/01/15 قضى بإلغاء الحكم المستأنف وفصلا من جديد بعدم الإختصاص النوعي لأن " الصفقة محل النزاع موضوعها إنجاز مقر للصندوق، وبالتالي تمويل المشروع يكون حتماً من ميزانية هذا الأخير لأن الدولة لا تمول من ميزانيتها الخاصة مشاريع إنجاز مقرات المؤسسات العمومية الإقتصادية والتجارية، وبالتالي فإن القضاء الإداري غير مختص للفصل في النزاع ".
كما تم التعرض لإختصاص القاضي الإداري الإستعجالي في مجال الصفقات العمومية طبقا للمادة 946 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، والذي يتدخل قبل إبرام الصفقة لأجل ضبط المفاهيم القانونية واللجوء إلى القاضي الإداري الإستعجالي من أجل إبرام الصفقة، وعليه لا يمكن طلب وقف تنفيذ قراري إلغاء المنح المؤقت وفسخ الصفقة لأنهما غير قابلين أصلا للطعن فيهما بالإلغاء.